منوعات

من هم الضالون الذين ذكرهم الله في سورة الفاتحة

من هم الضالون الذين ذكرهم الله في سورة الفاتحة التي جاءت في القرآن الكريم؟ احد الاسئلة التي يرغب بمعرفتها كم كبير من طلبة العلم والمثقفين ، فمن هم الذين أنعم اللــه عليهم ومن هم المغضوب عليهم ومن هم الضالين في قوله تعالى “صراطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ” في موقع مصر النهاردة سوف تتعرف على اجابة سؤالك بشكل واضح وصريح ، حيث


يقول الله تعالى فى سورة الفاتحة: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ (1)الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ (3)مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(5) اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) ص&ou6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)

هذه الآية الكريمة حددت ثلاث أنواع من البشر، المُنعم عليهم والمغضُوب عليهم وأخيرا الضالين. ولنبدء أولا بالنوع الثانى وهو المغضُوب عليهم ثم نتطرق إلى النوع الثالث وهو الضالين ثم فى النهاية نتكلم عن المُنعم عليهم, والسؤال هنا يطرح نفسه، من هم المغضُوب عليهم ومن هم الضالين؟ هل نأخذ الإجابة من كتب التفاسير والتراث أم نعود إلى كلام رب العالمين الذى بيده الأمر والنهى وله الحكم فى الأولى والآخرة وهو القادر على كل شئ.

يعتقد عامة المسلمين أن تفسير هذه الآية الكريمة من سورة الفاتحة هو المكتوب فى كتب التفاسير وما ينشره الدعاة على المنابر فى كل مناسبة. وإذا سألت أى مسلم من عامة الشعب ما هو معنى المغضوب عليهم يقول اليهود وإذا سالته من هم الضالين يقول بكل ثقة انهم النصارى. وبنفس المنطق إذا ذكرت كلمة مشرك أو كافر أو منافق إلى آخر هذه الصفات التى ورد الكثير منها فى القرءآن الكريم يقولون هذا لا ينطبق علينا المسلمين بل ينطبق على أى شخص من غير أمة محمد – عليه السلام.

من هم الضالون الذين قصدهم الله؟

من أين جاء هذا التعليل والتفسير؟ من أين جائت هذه الفكرة أن المغضوب عليهم هم اليهود بنوع الخصوص و الضالين هم النصارى ومعظم التفاسير تحصر المغضوب عليهم على اليهود والضالين هم النصارى على وجه الخصوص وهذا الحصر والقصر بهذه الصورة هى تخالف ما جاء فى القرءآن الكريم.
منذ سنين طويلة كان يقلقنى ما أقرأ فى كتب التفسير عن هذه الآية الكريمة والتى سببت بعض الفضول للوقوف على حقيقة هذا الأمر فقمت بإجراء تدبر ودراسة هذه الأية واضعا القرءآن هو المصدر الوحيد – والذى هو دائما المصدر الوحيد فى دراساتى القرآنية – للوصول إلى أقرب ما يمكن للحقيقة وقد قررت أن اشارككم فى ما توصلت إليه.
فدعنا نتجول مع بعض المفسرين الذين قاموا بتفسير هذه الآية الكريمة والأدلة التى بُنى عليها هذا التأويل:
تفسير ابن كثير
فَيَدُلّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ إِنَّمَا جِيءَ لِتَأْكِيدِ النَّفْي لِئَلَّا يُتَوَهَّم أَنَّهُ مَعْطُوف عَلَى الَّذِينَ أَنْعَمْت عَلَيْهِمْ وَالْفَرْق بَيْن الطَّرِيقَتَيْنِ لِيُجْتَنَب كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فَإِنَّ طَرِيقَة أَهْل الْإِيمَان مُشْتَمِلَة عَلَى الْعِلْم بِالْحَقِّ وَالْعَمَل بِهِ وَالْيَهُود فَقَدُوا الْعَمَل وَالنَّصَارَى فَقَدُوا الْعِلْم وَلِهَذَا كَانَ الْغَضَب لِلْيَهُودِ وَالضَّلَال لِلنَّصَارَى لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ وَتَرَكَ اِسْتَحَقَّ الْغَضَب بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَعْلَم وَالنَّصَارَى لَمَّا كَانُوا قَاصِدِينَ شَيْئًا لَكِنَّهُمْ لَا يَهْتَدُونَ إِلَى طَرِيقَة لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتُوا الْأَمْر مِنْ بَابه وَهُوَ اِتِّبَاع الْحَقّ ضَلُّوا , وَكُلّ مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَّارِي ضَالّ مَغْضُوب عَلَيْهِ لَكِنْ أَخَصّ أَوْصَاف الْيَهُود الْغَضَب كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ ” مَنْ لَعَنَهُ اللَّه وَغَضِبَ عَلَيْهِ ” وَأَخَصّ أَوْصَاف النَّصَارَى الضَّلَال كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ ” قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْل وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاء السَّبِيل ” وَبِهَذَا جَاءَتْ الْأَحَادِيث وَالْآثَار.
نفهم من تفسير ابن كثير الآتى: يقول ان طريقة أهل الإيمان مشتملة على العلم بالحق والعمل به، ولكن اليهود فقدوا العمل… فما هو الحق الذى يتكلم عنه ابن كثير، فالمعروف ان الحق هو رسالات اللــه التى جائت لهداية البشر أو بمعنى آخر هو رسالة موسى عليه السلام- التوراة – فماذا حدث منهم، قالوا ان العامة من شعبهم لا يستطيعون فهم المراد منها وعلى ذلك فقام رجال الدين لديهم بكتابة كتاب آخر مبسط حتى يمكن للعامة من الشعب أن يفهموه فأصدروا كتاب التلمود، فبهذا إبتعدوا عن الحق ولم يعملوا به. فما بال عامة المسلمين اليوم، هل هم يؤمنون بالحق الذى جاء من رب السماوات والأرض، أقول نعم، ولكن نرى أن رجال الدين فى الأمة المسلمة والأجهزة الدينية التى طالما توجههم فى دعوتهم التى ينشرونها ويعلمونها لشعوبهم لم يبتعدوا كثيرا عما فعله اليهود مع رسالتهم السماوية. فمنذ قديم الزمن وحتى اليوم نجد أن كتاب اللــه المنزل على رسوله عليه السلام، لا يُتبع برغم الإيمان به وبديلا له اخذوا فى وضع كتب أخرى لعامة المسلمين لكى يتبعوها وهى – على حسب زعمهم – انها أسهل فى الفهم وتفسر ما جاء فى كتاب اللــه الكريم واللـه يقول:
” وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ” الفرقان(33)، فجاؤوا بمئات الكتب والتى إخترعوا لها أسماء ما أنزل اللــه بها من سلطان فكان كتب الأحاديث النبوية والأحاديث القدسية وما سموه السنة النبوية الشريفة. فإذا كان تفسير ابن كثير مبنى على هذه النقطة بالنسبة لليهود فما هو تفسيره لما حدث من أمة محمد. فاليهود عندهم التلمود والمسلمين عندهم كتاب البخارى ومسلم وغيرهما من كتب الحديث. فإذا طبقنا طريقة تفسير ابن كثير فيجب ان نقول ان المسلمين منذ صدور هذه الكتب بين أيدى الناس، لا بد ان ينطيق عليهم ما قرره ابن كثير لليهود فعلى ذلك هل يمكن ان نقول ان أغلب المسلمين اليوم ,قد حل بهم غضب اللــه لأنهم علموا الحق ولم يتبعوه.

من هم الضالين الذين قصدهم الله

ولنقرأ ما يقوله رب العباد رب اليهود ورب المسلمين، رب كل شئ…
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)آل عمران
نعم إن اللــه سبحانه وتعالى قال ” ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)آل عمران
فلا يصح ان نقف عند هذه الآية ونصدر حكما شاملا فالأولى ان نقرأ الآيات التى تلتها فيقول رب العزة
” لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)آل عمران
أنظر إلى التشابه فى الألفاظ بين :
الآية رقم # 110 ” تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ” (المسلمين)
والآيةرقم # 114 ” يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ(أهل الكتاب)

 تفسير (غير المغضوب عليهم ولا الضالين للشعراوي)

هذا بالنسبة لليهود فماذا عن النصارى، يقول ابن كثير، ” وَالنَّصَارَى لَمَّا كَانُوا قَاصِدِينَ شَيْئًا لَكِنَّهُمْ لَا يَهْتَدُونَ إِلَى طَرِيقَة لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتُوا الْأَمْر مِنْ بَابه وَهُوَ اِتِّبَاع الْحَقّ ضَلُّوا…”
يقول ابن كثير ما معناه ان النصارى ضلوا لأنهم لم يأتوا الأمر من بابه وهو اتباع الحق فضلوا، والسؤال هنا يطرح نفسه فنقول هل اغلبية المسلمين فى الأرض أتوا الأمر من بابه أو بمعنى هل اغلبية المسلمون يتبعون الحق… وما هو الحق الذى نتكلم عنه، يقول رب العزة ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ ۚ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ” النساء (170)

تفسير الجلالين:
“صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْت عَلَيْهِمْ” بِالْهِدَايَةِ وَيُبْدَل مِنْ الَّذِينَ لِصِلَتِهِ بِهِ . “غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ” وَهُمْ الْيَهُود “وَلَا” وَغَيْر “الضَّالِّينَ” وَهُمْ النَّصَارَى وَنُكْتَة الْبَدَل إفَادَة أَنَّ الْمُهْتَدِينَ لَيْسُوا يَهُودَ وَلَا نَصَارَى وَاَللَّه أَعْلَم بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِع وَالْمَآب وَصَلَّى اللَّه عَلَى سَيِّدنَا مُحَمَّد وَعَلَى آله وَصَحْبه وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا

أما بالنسبة للجلالين فقد نهج تفسير ابن كثير وقد اضاف اليه هذه العبارة فى تفسيره ” أَنَّ الْمُهْتَدِينَ لَيْسُوا يَهُودَ وَلَا نَصَارَى”. قد حكم فى تفسيره على ان اليهود والنصارى بالإجماع انهم غير مهتدين، ولنقرأ فى كتاب اللــه من سورة المائدة :
” لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) واقول هنا فى نقطة الهداية، انها ليس فى مقدورنا ان نحكم على من هم المهتدون بغير الأخذ بكتاب اللــه فيقول سبحانه لحسم هذا الأمر فى سورة الأنعام ” إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ “(117)

تفسير الطبرى:
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , قَالَ : سَمِعْت عَبَّاد بْن حُبَيْش يُحَدِّث عَنْ عَدِيّ بْن حَاتِم قَالَ : قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” إِنَّ الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ : الْيَهُود “. * – وَحَدَّثَنِي عَلِيّ بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِم بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُصْعَب , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ مُرِّيّ بْن قَطَرِيّ , عَنْ عَدِيّ بْن حَاتِم قَالَ : سَأَلْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْل اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : ” غَيْرالْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ ” قَالَ : ” هُمْ الْيَهُود ” . 164 -وَحَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة الشَّامِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَقِيق : أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحَاصِر وَادِي الْقُرَى فَقَالَ : مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تُحَاصِر يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : ” هَؤُلَاءِ الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ : الْيَهُود ” . * وَحَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : حَدَّثَنِي اِبْن زَيْد , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : ” الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ ” الْيَهُود. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاخْتُلِفَ فِي صِفَة الْغَضَب مِنْ اللَّه جَلَّ ذِكْره ; فَقَالَ بَعْضهمْ : غَضَب اللَّه عَلَى مَنْ غَضِبَ عَلَيْهِ مِنْ خَلْقه إِحْلَال عُقُوبَته بِمَنْ غَضِبَ عَلَيْهِ , إِمَّا فِي دُنْيَاهُ , وَإِمَّا فِي آخِرَته , كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسه جَلَّ ذِكْرُهُ فِي كِتَابه فَقَالَ : ” فَلَمَّا آسَفُونَا اِنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ” 43 55 وَكَمَا قَالَ : ” قُلْ هَلْ أُنَبِّئكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَة عِنْد اللَّه مَنْ لَعَنَهُ اللَّه وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير ”
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْوَلِيد الرَّمْلِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر , قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَدِيّ بْن أَبِي حَاتِم , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَلَا الضَّالِّينَ } قَالَ : ” النَّصَارَى ” * -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , أَنْبَأَنَا شُعْبَة عَنْ سِمَاك , قَالَ : سَمِعْت عَبَّاد بْن حُبَيْش يُحَدِّث عَنْ عَدِيّ بْن حَاتِم , قَالَ : قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّ الضَّالِّينَ : النَّصَارَى ” . * – وَحَدَّثَنِي عَلِيّ بْن الْحَسَن , قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِم وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُصْعَب , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ مُرِّيّ بْن قَطَرِيّ , عَنْ عَدِيّ بْن حَاتِم , قَالَ : سَأَلْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْل اللَّه ” وَلَا الضَّالِّينَ ” قَالَ : ” النَّصَارَى هُمْ الضَّالُّونَ ” . 174
أما الطبرى فقد جاء بما قاله ابن كثير وايضا ما جاء فى تفسير الجلالين ولكنه اسند رأيه إلى حديث عدى ابن حاتم الذى كان نصرانيا واسلم وكان يشق عليه حين سمع قول اللـــه تعالى من سورة التوبة ” اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ… ” 31
فجاء إلى الرسول وهومُعترض على انهم اى النصارى لم يعبدوهم، قال عدى ابن حاتم للرسول ” انا كنت منهم ما عبدناهم…” فما كان جواب الرسول ” الم يكن يحرموا ويحللوا لكم قال عدى نعم فرد الرسول عليه، فهذه عبادتكم “. فى الواقع انى إستشهدت بهذا الحديث لأنه جاء فى تفسير الطبرى إسم عدى ابن حاتم، والذى يقودنى إلى موقف المسلمين اليوم الذى هو ليس بغريب عن حال المسلمين بعد وفاة الرسول عليه السلام وحتى الآن. نستنتج من هذا ان الذى يُحلل ويُحرم ويضع القوانين للبشر هو اللــه وحده لا يشرك فى حكمه احدا. وان من أحد مفاهيم العبادة ان لا نأخذ تعاليمنا والحرام والحلال إلا من كتاب اللــه القرءآن الكريم فنجد ان اللــه سبحانه وتعالى يقول :
” يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ …* قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ… ” الأعراف 31-32
” قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ …” هذا سؤال إستنكارى وفى نفس الوقت هو امر للرسول ان يعلنه لقومه ولأن اللــه يعلم انه سيأتى الوقت على هذه الأمة ان يبتعدوا عن كلام رب العزة ويتبعوا غير كلام اللــه واوامره ونواهيه، فنرى انهم يقولون ان الرسول قد حرم لبس الحرير والذهب للرجال. فإذا صح هذا القول فمعناه اولا ان الرسول يعصى امر ربه بعد ان قال له ” قل ” والأمر الثانى ان هذه الأمة إذا إتبعت هذا القول فإنهم قد وقعوا فى نفس المشكلة التى اقلقت عدى ابن حاتم وكان رد الرسول عليه بأن هذه عبادة. وحاشى للــه ان يقول ذلك رسولنا الكريم ويعصى اوامر ربه ولكن نحن الذى إتبعنا اوامر ونواهى من خارج كتاب اللــه وعلى ذلك يجب ان ينطبق علينا تفسير وتعليل الطبرى بأننا اليوم والبارحة اننا ضالين لأننا حرمنا ما أحل اللــه لنا واتبعنا غير كلام اللــه الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. والأمثلة كثيرة فى هذا الموضوع تستحق بحث منفصل فى المستقبل القريبب.

تفسير القرطبى:
اُخْتُلِفَ فِي ” الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ ” و” الضَّالِّينَ ” مَنْ هُمْ فَالْجُمْهُور أَنَّ الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ الْيَهُود , وَالضَّالِّينَ النَّصَارَى ; وَجَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث عَدِيّ بْن حَاتِم وَقِصَّة إِسْلَامه , أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَده , وَالتِّرْمِذِيّ فِي جَامِعه . وَشَهِدَ لِهَذَا التَّفْسِير أَيْضًا قَوْله سُبْحَانه فِي الْيَهُود : ” وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّه ” الْبَقَرَة : 61 وَآل عِمْرَان : 112 . وَقَالَ : ” وَغَضِبَ اللَّه عَلَيْهِمْ ” [ الْفَتْح : 6 ] وَقَالَ فِي النَّصَارَى : ” قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْل وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاء السَّبِيل ” الْمَائِدَة : 77 . وَقِيلَ : ” الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ ” الْمُشْرِكُونَ . وَ ” الضَّالِّينَ ” الْمُنَافِقُونَ.
أما بالنسبة لتفسير القرطبى، فقد جاء بشئ مختلف عما قاله الباقين من المفسرين ولكن لم يخرج كثيرا عن الإطار العام لكل المفسرين إلا ان قال انهم اختلفوا فى معنى المغضوب عليهم والضالين ولكن رجع مرة ثانية وقال ” فَالْجُمْهُور أَنَّ الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ الْيَهُود , وَالضَّالِّينَ النَّصَارَى” وجاء فى آخر تعليقه بأن المغضوب عليهم هم المشركون والضالين هم المنافقون.
والسؤال هنا يفرض نفسه، هل اللــه سبحانه وصف أهل الكتاب بأنهم مشركون؟ ومن هم المنافقون؟
ولنقرأ ما انزل اللــه فى كتابه الكريم فى سورة البقرة:
مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ” البقرة 105
فى هذه الآية الكريمة نجد ان اللــه قال ” الذين كفروا من أهل الكتاب ” فهناك جزء قليل من أهل الكتاب ليسوا كفار والأغلبية عكس ذلك وأيضا وضحت الآية بأن هناك اناس مشركون، وإذا نظرنا إلى الآية التالية من سورة المائدة التى تقول:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ” المائدة 72
فهنا بدء اللــه سبحانه بقوله ” لقد كفر ” فمن قال إن المسيح ابن مريم هو اللــه فقد كفر ولكن نلاحظ ان فى نهاية الآية وضع اللــه قانونه الإلهى بأن من يقول ويعتقد ذلك فقد أشرك انظر إلى ختام الآية الت قال فيها سبحانه ” إنه من يشرك باللــه ” فهنا من قال هذا القول فقد كفر وأشرك فى نفس الوقت.
أما تعريف المنافقون بإختصار ما جاء فى سورة التوبة غيرها كثير فى القرءآن الكريم نكتفى بواحدة منها: ” الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ هِيَ حَسْبُهُمْ ۚ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ” التوبة 67,68

فالآيات فى هذا الصدد كثيرة ولكن هل نستطيع أن نقول أن غضب اللــه يحل على أهل الكتاب خاصة أم هناك رأى آخر يوضح هذه النقطة، والجواب هو أن نرجع إلى كتاب اللــه ونبحث عن الأسباب التى تحل بصاحبها غضب اللــه والأسباب التى يوصف مرتكبيها بالضلال، ولنبدء أولا بغضب اللــه.

 من هم المغضوب عليهم والضالين إسألنا

عند تدبر آيات اللــه فى القرءآن الكريم نجد أن الآسباب التى تؤدى إلى غضب اللــه، نختصرها فى الآتى:
1- قتل مؤمنا متعمدا ” وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ” {93} النساء
2- الجدال فى اسماء ما نزل اللــه بها من سلطان ” قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ “{71} الأعراف
3- الهروب من الجهاد فى سبيل اللــه ” وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ {16} الأنفال
4- الكفر بنعمة اللــه ” كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ” {81} طه
5- والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء ” وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ {6} وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ {7} وَيَدْرَؤا عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ {8} وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ {9} النور
5- الذين يحاجون فى اللــه ” وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ {16} الشورى
6- المنافقين والمنافقات والمشركين (الظانين باللــه ظن السوء) ” وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا {6} الفتح
7- الكفر بما أنزل اللــه ” بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ {90} البقرة

قراءة ولا الضالين

ونلاحظ هنا ان فى بعض الأحيان يقترن الغضب مع اللعنة كما هو واضح من الآية 6 من سورة الفتح فى المنافقين والمنافقات والمشركين وفى النساء الآية 93 عن مؤمن يقتل مؤمنا عمدا. ونلاحظ أيضا ان هناك غضب مضاعف كما قال سبحانه فى سورة البقرة الآية 90 عن الكفر بما أنزل اللــه. والنوع الثالث من غضب اللــه انه يقترن بالرجس كما قال فى سورة الأعراف الآية 71 الجدال فى اسماء ما نزل اللــه بها من سلطان.
هذه هى بعض الآسباب التى تؤدى إلى إحلال غضب اللـــه على مرتكبى هذه الآثام والكبائر.
هل يمكن أن نستنبط من هذه الآيات الكريمة، وغيرها كثير، هل يمكن القول بأن المغضوب عليهم هم اليهود فقط، فإذا تدبرنا فى هذه الأمثلة القليلة نجد أن غضب اللــه يحل على أى إنسان يدخل ضمن هذه الآثام والذنوب التى من أجلها يحل غضب اللــه عليه وإن اللــه ليس بظلام للعبيد ولا يريد الكفرلعباده.

من هم المغضوب عليهم والضالين عند المسلمين

وإذا تدبرنا فى أسباب الضلال واللعنة فنجدها فى الآيات التالية:
1- المنافقين ” وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ {14} اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {15} أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ {16} البقرة
2- يكتمون ما أنزل اللــه “إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {174} أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ {175} البقرة
3- الشرك باللــه ” إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا {116} النساء
4- الذين كفروا وصدوا ” إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلاَلاً بَعِيدًا {167}النساء
5- الكفر البين ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا {136}النساء
6- الإفتراء على اللــه كذبا ” ….. فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {144} الأنعام
7- إتخاذ أولياء من دون اللــه ” فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ {30} الأعراف
8- الدعاء لغير اللــه ” يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ {12}الحج
9- الظالمين ” يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء {27} إبراهيم
10- إتباع الهوى ” بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ {29} الروم
11- مخالفة أمر اللــه وعدم إطاعة الرسول ” وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {36} الأحزاب
12- عدم الإيمان بالآخرة ” أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ {8} سبأ
13- الإبتعاد عن ذكر اللــه ” أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ {22} الزمر
14- عدم إتباع ما جاء به الرسل “قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ {50} غافر
15- التكذيب بالساعة ” يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ {18}
16- عدم إستجابة الدعوة إلى اللــه ” وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ {32} الأحقاف
17- الغلو فى الدين وإتباع الهوى” قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ {77} المائدة
18- تبديل النعمة وجعل للــه أندادا ” أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ {28} جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ {29} وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ {30} إبراهيم

منهم الذين غضب الله عليهم

لقد عرضنا فى ما تقدم نوعين من الناس الذى وصفتهم الآية الكريمة موضوع البحث وهم المغضوب عليهم والضالين، والآن ننتدبر الصنف الأول الذى ذكرته الاية الكريمة وهم ” الذين أنعمت عليهم ” او بتعبير آخر ” الذى أنعم اللــه عليهم ” فيجب أولا ان نتعرف على ما هى النعمة التى تتكلم عنها الآية الكريمة وثانيا من هم الذين أنعم اللــه عليهم.
يقول اللــه سبحانه وتعالى عن نعمه : ” وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ” النحل18
إن هذه النعم لقد خلقها وجعلها وسخرها لكل الآنام، لكل البشر كفار ومشركين ومؤمنين ويهود ونصارى وحتى الملحدين فهم جميعا فيها سواء. هذه النعم التى لا تُعد ولا تُحصى فهذه النعم لكل البشر والآيات عن نعم اللــه كثيرة جدا فى القرءآن الكريم ولا تخلى سورة من سور القرءآن إلا واللــه سبحانه يذكر نعمه على البشر وما كان عمل هؤلاء بهذه النعم هل زادتهم إيمانا أم كفرا وعنادا. ولكن هناك نعمة أعظم وأجل من كل هذه النعم التى نتمتع بها فى الدنيا، أما هذه النعمة فهى نعمة خالصة للمؤمنين من أى نوع من البشر إذا آمن بها وإتبع ما جاء فيها سواءا كان يهوديا أو نصرانيا أو مسلما أو غير ذلك، طالما آمن بها وصدق هذا الإيمان بالعمل وإتبع ما جاء فيها من الحلال والحرام فقد فاز فوزا عظيما.
إنها نعمة القرءآن الكريم الذى تأذن اللــه بفضله على البشرية جمعاء فانزلها نعمة تُسمع وتقرأ ويتعبد بها فقال عز من قائل فى سورة البقرة 2-5:
” ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *
وقال سبحانه فى القرءآن الكريم عن القرءآن، ورسوله عليه السلام، ” مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ” القلم (2 وقال له أيضا ” وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ” الضحى (11
فما هى هذه النعمة التى أمر اللــه بها رسوله ان يُحدِّث بها، هى القرءآن الكريم ” وذكر بالقرءآن من يخاف وعيد ” .
فإذا سألت معظم عامة المسلمين اليوم وما اشبه اليوم بالبارحة، إذا سألت من هم الذين أنعم اللــه عليهم يكون الرد حاسما وبكل تأكيد انهم أمة محمد ونسى باقى خلق اللــه. فمن أين جائت هذه الفكرة اننا نحن أمة محمد “عليه السلام” فقط الذى أنعم اللــه عليهم دون سواهم. هذا يدل على ان الغالبية العظمى لا يتدبرون القرءآن ولا يتذكرون ولكن يتبعوا ما يقال على المنابر والدعاة فى كل مشارق الأرض ومغاربها وكل هذه الكتب والأحاديث التى هى ظنية والسنة التى نسبوها لرسولنا الكريم وخاتم الأنبياء ونسوا ان الرسول يوم القيامة سيتبرأ من أمته ويشكوا إلى ربه فيقول فى سورة الفرقان 27-30:
” وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا* يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا * وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا *”. ما هو سبيل الرسول… القرءآن، ما هو الذكر… القرءآن، وكيف كان هجر القرءآن؟ والجواب على هذا السؤال يحتاج إلى بحث منفصل. ولو تدبر عامة المسلمين ونفذوا ما أمرهم ربهم بتدبر القرءآن كما قال ” أفلا يتدبرون القرءآن أم على قلوب اقفالها ؟ ” فالتدبر نوع من العبادة وإطاعة اوامر اللــه سبحانه ولا نتكل على آراء الآخرين، يمكن أن نسمع ونقرأ ولكن فى النهاية لابد من التأكد من ما نسمعه أو نقرأه هو ما امر به الخالق فى كتابه الكريم. ألم يتدبروا قول اللــه ويتخذوا منه عبرة ودرس يجب الإنتباه له بكل جدية وحزم فى سورة العنكبوت 67:
” أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ”
ألم يتدبروا قول اللــه فى سورة لقمان 20:
” أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ “.
وفى موضع آخر وفى مناسبة اخرى قال سبحانه فى سورة الأحزاب 9:
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا “. وبعد بضعة آيات فى نفس السياق يقول سبحانه : وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12
هذه الآيات وغيرها الكثير تخاطب قوم قالوا انهم قوم محمد عليه السلام، ويخاطب فيها المؤمنون فهل هؤلاء قد انعم اللــه عليهم من دون باقى البشر…!
ما هو السبب الذى يجعلنا نعتقد ان الذين أنعم اللــه عليهم هم امة محمد عليه السلام، دون اى قوم آخر. لقد جاء القرءآن للعرب اولا ثم لباقى البشر ثانيا، فماذا حدث، هجرنا القرءآن الكريم……!
وأنظر إلى قول اللــه فى الذين أنعم اللــه عليهم، وأن هذه بعض الأمثلة فيجب أن نقرأ ما قبل وما بعد هذه الآيات حتى نُلم بكل حقائق هذه النعمة:

” وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا * ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا ” النساء 70,69

” أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ” مريم 58

” تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ” مريم 63

وفقنا اللــه لما يحب ويرضى ودائما وأبدا نقول فى كل دقيقة من حياتنا الدنيوية ونأمل من اللــه السميع العليم ان يتقبل دعائنا:
” اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ” (7)

ما اعراب الاية صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ؟

صراط الَّذِينَ أنعمت عليهم إعراب

إعراب قوله تعالى:{ صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين }
( صراط ) بدل كل من كل من الأولى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره ، وإنما قلنا: بدل من ( الصراط ) الأولى لأن صراط الذين أنعم الله عليهم هو عينه الصراط المستقيم؛ فالكلمتان بمعنى واحد تماما. وقول الشاعر:
إن النجوم نجوم الأفق أصغرها
في العين أذهبها في الجو إصعادا
فكلمة: “نجوم” الثانية بدل كل من كل،. من الأولى؛ لأن المراد من نجوم الأفق هو عين المراد من كلمة: “نجوم” الأولى. ومثل هذا قول الآخر:
إن الأسود أسود الغاب همتــها
يوم الكريهة في المسلوب لا السلب ( )
( الذين ) اسم موصول مبني على الفتح ، في محل جر مضاف إليه ، وليعلم ، أن في هذا الاسم الموصول خلافا حول علامة بنائه ، فالأكثرون يرون أنه مبني على الفتح ، ويرى البعض ومنهم الدكتور عبد الجواد الطيب ، أنه مبني على الياء( ) ، وإني أرجح كونه مبنيا على الفتح ، لأنه كسائر الأسماء الموصولة ـ عدا المثنى منها ـ فهي مبنية حسب آخرها، ولغة هزيل تعرب هذا الاسم الموصول بالياء نصبا وجرا ، وبالواو رفعا ، فيقولون : ( رحل الذون في الدار ) ، حيث إنهم يعاملونه معاملة جمع المذكر ، فعلى قولهم فـ( الذين ) في الآية التي نحن بصدد إعرابها ، تعرب مضافا إليه مجرور وعلامة جره الياء ، ولا شك أن هذا القول ـ بإعرابه وعدم بنائه ـ قول مرجوح ، والدليل على ذلك ، أن هذا الاسم ، في جميع حالات إعرابه رفعا ونصبا وجرا ، يلزم حالة واحدة ، وهذا ما نزل به القرءان ، ففي حالة الرفع ، كقوله تعالى : ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ) ، الاسم الموصول (الذين) في الآية في محل رفع خبر للمبتدأ ( أولئك ) وهو مبني ، ولم يكن معربا، إذ لو كان معربا لقيل : ( أولئك الذون ) ولم تقرأ الآية هكذا بالإجماع .
( أنعمت ) ( أنعم ) فعل ماض مبني على السكون أو الفتح المقدر ، لاتصاله بضمير رفع متحرك وهو تاء المخاطب ، وتاء المخاطب ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل .
( عليهم ) على حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وضمير الغائبين ( هم ) ضمير متصل مبني على السكون في محل جر اسم مجرور بحرف الجر ( على ) .
هذا ، وإن كانت (على) للاستعلاء ، فالجار والمجرور متعلقان بالفعل ( أنعمت ) ، وإن كانت ( على ) للتعدية ، فالجار والمجرور في موضع المفعول به .
والجملة الفعلية ( أنعمت عليهم ) صلة الموصول لا محل لها من الإعراب .
( غيرِ ) هي لفظ متوغل في الإبهام ( )، وفيها أربعة أوجه من الإعراب :
1) نعت لـ ( الذين ) مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره .( )
2) بدل من ( الذين ) مجرور ووعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره .
3) حال من ( الذين ) أو من الضمير في ( عليهم ) والعامل فيه الفعل في ( أنعمت ) ، فالمعنى : أنعمت عليه لا مغضوبا عليهم .
4) مفعول به لفعل محذوف تقديره ( أعني ) ، وهذا محكي عن الخليل .
وقراءة النصبرواها الخليل عن ابن كثير المكي ، وهي قراءة ابن محيصن من المبهج ( )، وهي قراءة شاذة .
قال ابن جرير: (وقد كان بعضُ نحويِّي البصريين يزعم أنّ قراءة مَنْ نصب ” غير ” في “غير المغضوب عليهم”، على وَجه استثناءِ “غير المغضوب عليهم” من معاني صفة “الذين أنعمت عليهم”، كأنه كان يرى أنّ معنى الذين قرأوا ذلك نصبًا: اهدنا الصراط المستقيم، صراطَ الذين أنعمتَ عليهم، إلا المغضوبَ عَليهم -الذين لم تُنعم عليهم في أديانهم ولم تَهْدهم للحق- فلا تجعلنا منهم. وأما نحِويُّو الكوفيين، فأنكروا هذا التأويل واستخفُّوه ، وزعموا أن ذلك لو كان كما قاله الزاعم من أهل البصرة، لكان خطأ أن يقال: “ولا الضالين”.
لأن ” لا ” نفي وجحد ، ولا يعطف بجحد إلا على جحد. وقالوا: لم نجد في شيء من كلام العرب استثناءً يُعطف عليه بجحد، وإنما وجدناهم يعطفون على الاستثناء بالاستثناء، وبالجحد على الجحد، فيقولون في الاستثناء: قام القومُ إلا أخاك وإلا أباك.
وفي الجحد: ما قام أخوك ولا أبوك . وأما: قام القومُ إلا أباك ولا أخاك. فلم نجده في كلام العرب. قالوا: فلما كان ذلك معدومًا في كلام العرب، وكان القرآن بأفصح لسان العرب نزولُه، علمنا -إذ كان قولُه”ولا الضالين” معطوفًا على قوله”غير المغضوب عليهم” -أن ” غير ” بمعنى الجحد لا بمعنى الاستثناء، وأن تأويل من وجَّهها إلى الاستثناء خطأ.” ((
( المغضوب ) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره .
( عليهم ) ( على ) حرف جر للتعدية أو للاستعلاء ، مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وضمير الغائبين ( هم ) ضمير مبني على السكون في محل جر اسم مجرور بحرف الجر ( على ) ، والجار والمجرور ، في محل رفع نائب فاعل ، لأن ( المغضوب ) اسم فاعل ، وهو معرف بالألف واللام ، فهو يعمل فيما بعده عمل الفعل المبني للمفعول ، فيرفع نائب فاعل ، ولكن الفعل ( غضب ) فعل لازم يتعدى بحرف ، فيكون ما بعده من الجار والمجرور في محل رفع نائب فاعل ، كما في هذه الجملة .
( ولا ) الواو حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، و(لا) زائدة لتأكيد النفي حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وهذا قول البصريين ، ويرى الكوفيون أن ( لا ) بمعنى غير .
( الضالين ) معطوف على ( المغضوب عليهم ) مجرور وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم .
( آمين ) دعاء ، وليس من القرآن ، وهو اسم فعل بمعنى اللهم استجب، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، وبني على الفتح لمناسبة الياء
.

السابق
عبارات و كلام جميل عن مواليد شهر يونيو “6” حزيران
التالي
من هو الشخص الوحيد الذي جاءت كنيته في القرآن ؟

اترك تعليقاً

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply.